. صاحب الإخلاص في دعوتك :
فالواجب على الداعية الجديد فضلاً عن غيره أن يستشعر دوماً أن الدعوة إلى الله عبادة يتقرب بها إليه ،وكل عبادة لا تقبل إلا بإخلاص صاحبها ،ومم ينافي إخلاص الداعية أو يعكر عليه صدق نيته ،أن يبتغي بدعوته محمدة الناس أو لفت أنظارهم إليه ،أو إثبات وجوده ومنافسة أقرانه ،والداعية الجديد قد لا يقصد هذه الأمور ولكنه يصاب بها في مواضع و يهمل قلبه فيصل إليها ويتدهور أمره .
ذُكر عن عبدالله بن عمر أنه كان يمشي يوماً في المسجد الحرام فمر برجل يقص القصص ،فقال رجل لإبن عمر: يا أبا عبدالرحمن أتدري ما يقول الرجل .؟(فقال: نعم . . يقول :انظروا إليّ ) ،ولعل ابن عمر رضي الله عنه شعر من حال هذا الواعظ اتيانه بالغرائب يريد جمع الناس إليه فكان ما قال .2.
كن مخلصاً لدعوتك :
وهذا يعني بذل النفس والنفيس في سبيلها ،فنجاح الداعية لا يكون إلا بإخلاصه لدعوته فإن العامل الأساسي للنجاح ليس هو كثرة علم الداعية ولا قوة بيانه وسحره ،ولكن قبل ذلك الإيمان بدعوته التي يدعو إليها ،والخوف الشديد مم يعتريها ، إن مثل هذا الإنسان يصيح بالناس ويترك أقوى الآثار ولو كان أبكم ،يقول أ.محمد الراشد " إنما يوصل الداعية إلى غايته شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه وتفانيه فيها وانقطاعه إليها " .
ومن الصور التي يظهر فيها عدم اخلاص الداعية لدعوته :
- إعطاء الدعوة فضول وقته – التثاقل عن الأنشطة الدعوية – الرمي بثقل الواجبات الدعوية على الآخرين والتملص منها قدر الإمكان – التلفيق في إعداد الأنشطة الدعوية .3.
لا تنسَ فضل الدعوة :
فإن مم يعين على مواصلة الطريق ،ويشحذ الهمم ،أن يتذكر الداعية فضل الدعوة وأجرها العظيم ،فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أصحابه بهذا الفضل ليشجعهم ،ومن ذلك قوله لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداَ خير لك من حمر النعم) وقوله صلى الله عليه وسلم ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل اجور من تبعه لا ينقص من اجورهم شيئا) .4.
دعوتك واجبٌ عليك :
فينبغي للداعية الجديد أن يعلم أن نشاطه الدعوي ليس نفلاً يتفضل به على دينه ،بل هو واجب لا تبرأ الذمة إلا به ،وحق للمسلمين لا يجوز التقصير فيه ،قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز "فعند كثرة المنكرات ،وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ،تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته "
5. لا تنسَ نفسك من الهدى :
فإن الداعية في زحمة الهموم الدعوية والمشاغل اليومية قد يهتم بالآخرين لكنه ينسَ نفسه ،وهنا تحدث له آفات لا يشعر بها إلا بعد حين ،ومنها خواء النفس وقسوة القلب وفتور الهمة وانحراف النية أحياناً ،يقول أ.محمد الراشد " يجب أن يبقي رجال الصفوة بعض أوقاتهم لمواصلة تربية أنفسهم بالعلم والعبادة ،وإلا قست قلوبهم من بعد لذة الإبتداء " ،وقرب الداعية من كتاب الله يجب أن يكون متعةً لروحه وسكناً لفؤاده وشعاعاً لعقله وقوداً لحركته ومرقاة لدرجته .
.
6. كن قدوة حسنة :
وهذا يعني أن يكون الداعية صورة حسنة لكل ما يدعو إليه ويريد غرسه في المدعوين ، بل أن يكون فعله وسلوكه قبل قوله وكلامه ،والداعية نفسه شهادة للدعوة ،وهذه الشهادة قد تحمل الناس على قبول الدعوة وقد تحملهم على ردها ورفضها ،يقول عبدالواحد بن زياد "ما بلغ الحسن البصري إلى ما بلغ إلا لكونه إذا أمر بشيء يكون أسبقهم إليه ،وإذا نهاهم عن شيء يكون أبعدهم منه "
ويكفي في هذا قوله تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تلون الكتاب أفلا تعقلون )
7. خاطب الناس على قدر عقولهم :
فالواجب على الداعية أن يراعِ جهل الناس واختلاف بيئتهم حتى لا تكون دعوته فتنة لهم ،يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه "حدّثوا الناس بم يعرفون ودعوا ما ينكون ،أتحبون أن يكذب الله ورسوله" ،ويقول ابن مسعود رضي الله عنه "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم" ،ومن صور عدم مراعاة فهم الناس :
- طرح الداعية للخلافات الفقهية بتوسع بحيث لا يفقه الناس الراجح من المرجوح .
- كلام الداعية في مسائل دقيقة كالقضاء والقدر .
- إسهاب الداعية في الحديث عن الجماعات الإسلامية وأخطائها بطريقة تجعل الناس يسيئون الظن بها جميعاً .
- تعميم الداعية حول بعض الأمور فيجعل العامة يتساهلون في البدع والمحرمات واتباع الأقوال الضعيفة .
- كلام الداعية مع المدعو في مناهج العلماء والدعة بطريقة تفصيلية قد تنفر المدعو .
8. إنما أنت مذكّر :
فالله تعالى أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة والتبليغ ،ولم يطالبه بالنتيجة فقال ( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ) ،فالمطلوب أن يبذل الداعية قصارى جهده فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فعليها ،ومن فوائد استشعار ذلك أن لا يصاب الداعية بالإحباط عند إعراض المدعوين وفيه حفظ لمشاعره وصون لنفسه ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصفون ) .
9. لا دعوة إلا بعلم :فعلى الداعية أن يعتقد أن لا دعوة إلا بعلم ،يقول الله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا ) ، ( قل هذه سبيلي أدعو على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) .
10. جدّد علمك وطوّر مهاراتك :
فالداعية لا يليق به أن يقف عند حد من العلم الشرعي بل عليه أن يستزيد منه يوماً بعد يوم ،وليست كثرة الأشغال الدعوية مبرراً للتوقف عن طلب العلم ،فالناس لن يعذروا الداعية عند وقوعه في الزلل والخطأ ،ولن يقبلوا اعتذاره بالجهل ،وهكذا الحال بالنسبة للمهارات النافعة للدعوة كمهارات الإلقاء والقراءة والتأثير في الآخرين ،فلن يصل الداعية إلى التأثير على المدعوين حتى يسخر المهارات لبلوغ الهدف ،ومن أسباب تطوير الذات علمياً و مهارياً حضور الدروس الشرعية وتلخيص الكتب الشرعية والثقافية وحضور الدورات التطويرية في التخطيط والتأثير والإدارة وغيره . . وزيارة الدعاة من أهل الخبرة والتجربة .
11. لتكن جهودك الدعوية مكملة لبقية الدعاة :
ويستفاد هذا من قوله تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ... )فقد سمى الله فئة الدعاة أمة للإيماء إلى وجوب كونهم مجتمعين على صفات وخصائص وروابط متميزة تجعلهم ظاهرين في الناس كأمة واحدة لا اختلاف ولا تنازع بين أفرادها، والتجارب لازالت تؤكد أهمية التنسيق بين أنشطة الدعاة بحيث يحصل التكامل والإنسجام ، ومن فوائد هذا التكامل تبادل التجارب وقوة الأنشطة ونجاحها وتسخير الطاقات .
12. كن مدركاً لواقعك :
فحال الدعاة يشهد على أن فقه واقعهم سبيل متأكد لنجاحهم في تحديد الأولويات فيما يدعون إليه، ولابد من الإعتراف بوجود الخلل في هذه الثقافة عند كثير من الدعاة فهناك عجز في معرفة الحاضر المعايش والواقع المعاصر فكثيراً ما نقع في التهويل أو التهوين فنضخم الشيء الهين ونهون الشيء العظيم ، سواءً في إمكانياتنا أو عيوبنا أو قضايانا .
13. فاصبر صبراً جميلا :فإن اعتياد الناس على معاصيهم ودوام غفلتهم يحتاج إلى جهد دعوي مستمر، ولا يكون ذلك إلا بالصبر والمصابرة، وهاهو عمر بن عبدالعزيز يقول "إني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير ،وفصح عليه الاعجمي، وهاجر عليه الأعرابي ،حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره"، ومن مواضع الصبر عند تعلم الدين والصبر على توجيهات المربين وطلبة العلم ومجاهدة النفس على قبولها والصبر على المدعوين والصبر على انقادات الآخرين .
14. عليك بما تطيق :
فإن الله لا يكلف المرء إلا ما يطيق قال تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )، فبعض الصالحين يفهم بذل الوسع في الدعوة أنه أدنى العطاء للدين ، ولذا هؤلاء لا يقدمون إلا النزر اليسير ،والمطلوب أن تصل النفوس إلى أكبر ما في وسعها وأن يكون جهدها متزايداً كل يوم .
15. تخول الناس بالموعظة :
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( حدّث الناس كل جمعة مرة ،فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاث مرات ،ولا تملّ الناس هذا القرآن ،ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم ،ولكن أنصت فإن أمروك فحدثهم وهم يشتهون ) وعن ابن مسعود : "حدّث القوم ما حدوك بأبصارهم وأقبلت عليك قلوبهم ،فإذا انصرفت عنك قلوبهم فلا تحدثهم " .
16. لا تكن فظاً غليظاً
ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ( إن الله يحب الرفق في الأمر كله ) ،فعلى الداعية استمالة القلوب وهدايتها، فالناس بحاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ود يسعهم .
17. لا تنتظر مجيء الناس إليك :
فشأن الداعية أن يحتك بالناس ويتعرف عليهم ،ويزورهم في مجالسهم ومنتدياتهم ،يقول أ.محمد الراشد "ومن انتظر مجيء الناس إليه في مسجده أو بيته فإن الأيام تبقيه وحيداً ،ويتعلم فن التثاؤب" ، وينبغي أن يعلم الداعية أن مخالطة الناس وحضور مجالسهم لا ينسيه أنه لا يجوز للداعية السكوت عن المنكرات الموجودة بل لابد من البيان والإنكار،قال تعالى : ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره . . )